يفترض في فترة الخطوبة أن تكون فرصة للتعارف والتوافق بين طرفي العلاقة حيث يدرس كل منهما الآخر فيتعرف على ما يحب وما يكره، يطلع على نفسيته ومشاعره حتى يألفه ويتآلف معه.
لكن الخطبة كثيراً ما تتحول إلى فترة يتجمل فيها الطرفان ويسعيان للظهور بمظهر لا يعكس حقيقتهما حيث يداري كل طرف عيوبه عن الآخر لتصبح العلاقة بينهما أقرب إلى النفاق منها إلى شيء آخر، الأمر الذي يجعلهما بعد الزواج على خلاف دائم حتى تبدو حياتهما مستحيلة.
وهذا يقودنا إلى التساؤل هل الخطبة فترة حقيقية قائمة على المكاشفة والمصارحة، أم لعلها مسرح لتمثيلية يمارس فيها الطرفان كل أشكال الكذب والتجمل الصريح هذا ما ستؤكده تجارب بعض الأفراد الذين تزوجوا بعد خطبة.
ہ الكرم الطائي انقلب إلى بخل لا يطاق
/عبير/ متزوجة منذ عامين قالت إنها اصطدمت بزوجها جراء تحول كرمه الطائي أيام الخطبة إلى بخل لا يطاق بعد الزواج وأعربت عن أسفها لهذا الانقلاب الذي حل بزوجها بعد خطبة دامت عاما كاملا موضحة أنه بالرغم من تقدمه لخطبتها بطريقة تقليدية إلا أن فترة الخطوبة الوردية جعلت /عبير/ تتمسك به خاصة وأنه استطاع جذبها إليه بكلامه وكرمه الزائد الأمر الذي اضطرها لمطالبته بالحد من المصروف الزائد.
وأضافت عبير أن مصيدة الكرم التي أغدقها عليها زوجها سرعان ما تكشفت بعد الزواج وانكشفت حقيقته أمامها حيث كان يسأل عن كل كبيرة وصغيرة وبطريقة تثير الاشمئزاز، الأمر الذي اضطرها للعمل كي تصرف على نفسها.
ہ خطيبها بات عدواً لأمها
أما /نادين/ بدأت حكايتها بالقول إن زوجها المحب لأسرتها ولأمها والذي كان يعتبر نفسه أحد أفراد أسرتها أيام الخطبة، لم يلبث أن كشر عن أنيابه بعد الزواج وتحول إلى عدو لأمها التي ربتهم بعد وفاة والدها.
وقالت إن ما حدث بعد الزواج لم يكن في الحسبان أبدا فبعد أن كانت أمها من أقرب المقربين لزوجها باتت سيرتها من المحرمات في المنزل بالرغم من أنها كانت لا تعتبره صهرا بل ابنا، وبعد أن كانت تزورها في بداية زواجها كل يوم تقريبا أصبحت لا تقوم بذلك إلا مرة في الأسبوع ولا يتم ذلك إلا بشق الأنفس وبعد مشاجرات عنيفة.
ہ الكذب والتجمل تجيده النساء أكثر
لكن تجربة /سامر/ الذي يعمل في مجال الأتمتة أجبرته على وصف الخطبة بأنها أقرب إلى التمثيل والإدعاء أكثر من قربها إلى الصدق، وأوضح أن الكذب والتجمل ليسا حكرا على الرجال فقط بل على العكس فالنساء لديهن تقنية عالية في لعب مثل هذا الدور.
وأشار سامر إلى زواجه الذي لم يعمر أكثر من سبعة أشهر سرعان ما انهار بعد اكتشافه الخداع الذي وقع فيه أثناء فترة الخطوبة فالرومانسية والهدوء والطيبة التي طغت على زوجته انقلبت فجأة بعد الزواج إلى امرأة مختلفة تماماً وكأنه لم يرها ولم يتحدث إليها، امرأة مزاجية تنكش المشكلات من تحت أظافرها إذ لا يروق لها رؤيته مرتاحاً أبدا مؤكدا أن التحول كان بالنسبة إليه الضربة القاصمة التي أدت إلى الطلاق.
ہ التجمل في مرحلة الخطوبة غير مقبول
وإذا كانت الخطبة مرحلة أساسية للمضي في زواج ناجح ونافذة تسمح للطرفين برؤية بعضهما بوضوح لماذا تفشل الكثير من الزيجات التي قبلها خطبة؟ هكذا بدأ /خليل/ مدرس اللغة الانكليزية حديثه متسائلا وأضاف أن مرحلة الخطوبة يجب أن تتسم بكثير من الصدق والشفافية والصراحة بين أي فتاة وشاب يخططان لتكوين أسرة وإنجاب أولاد وتربيتهم تربية صالحة مؤكدا أن التجمل في هذه المرحلة مرفوض لأنه لا يتناسب مع علاقة جادة ومسؤولة، وقال إن الكذب قد يكون واردا في أمور لا تتجاوز الأمور الشخصية التي لا تسيء إلى العلاقة الزوجية.
مبررات السلوك السلبي مرتبطة بعوامل ذاتية وعاطفية
وحول هذا الموضوع يقول دكتور علم الاجتماع /رافي أحمد/ إن الخطبة تمثل فترة تعارف وتفاوض بين الطرفين المقبلين على الزواج، مشيرا إلى أنه مشروع متعدد الأهداف ولا يمكن نجاحه إلا إذا نجحت فترة الخطوبة وقال إن أية عملية تفاوض يحاول الطرف الآخر أن يبدو بأحسن صوره عارضا كل ميزاته وإيجابياته مقللا من عيوبه بهدف إقناع الآخر بأنه مقبل على عقد صفقة مربحة بكل المقاييس.
وقال الدكتور إن مبررات السلوك السلبي الذي ينتهجه طرفا الخطبة منها ما يرتبط بعوامل ذاتية وعاطفية مثل التعلق بالشخص والرغبة في توطيد العلاقة معه بسرعة خوفا من فقدان الفرصة، ومنها ما يتعلق باعتبارات اجتماعية كالمكانة والمال حيث يلجأ أحد طرفي الزواج بهدف الارتقاء في السلم الاجتماعي إلى تحقيق مكاسب مادية معينة من وراء صفقة الزواج، وأضاف أن كل ما يحدث أو يقال في فترة الخطوبة يكون جزءا من استراتيجية التفاوض لبلوغ الهدف المرسوم وإن وجد الاستعداد للتصديق فيكون تعبيرا عن حالة القلق والرغبة الشديدة التي يبديها أحد الطرفين في التمسك بالأخر والحفاظ على العلاقة فكلما كانا صادقين في عرضهما ونيتهما كانت صفقتهما ناجحة ومربحة، بمعنى أن الزواج لا يمكن أن يبنى على الغش والنفاق.
الخميس مارس 06, 2008 9:19 am